Senin, 04 Juli 2011

Assafar wa ahkaamih

Agus Subandi, Drs. MBA



السفر وأحكامه
في ضوء الكتاب والسنة




تأليف الفقير إلى الله تعالى
د . سعيد بن علي بن وهف القحطاني



بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد للّه، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:
فهذه رسالة مختصرة في " صلاة المسافر " بينت فيها: مفهوم السفر والمسافر، وأنواع السفر، وآدابه، والأصل في قصر الصلاة في السفر، وأنه أفضل من الإتمام، ومسافة قصر الصلاة في السفر، وأن المسافر يقصر إذا خرج عن جميع عامر بيوت قريته، ومدة إقامة المسافر التي يقصر فيها الصلاة، وقصر الصلاة في منى لأهل مكة وغيرهم من الحجاج، وجواز التطوع على المركوب في السفر، وأن السنة ترك الرواتب في السفر إلا سنة الفجر والوتر، وحكم صلاة المقيم خلف المسافر، والمسافر خلف المقيم، وحكم نية القصر والجمع والموالاة بين الصلاتين المجموعتين، ورخص السفر، وأحكام الجمع، وأنواعه، ودرجاته، سواء كان ذلك في السفر أو الحضر، وقد استفدت كثيرا من تقريرات وترجيحات شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز - رحمه الله - ورفع الله درجاته في جنات النعيم.
والله أسأل أن يجعل هذا العمل مقبولا عنده، مباركا خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه، فإنه تعالى خير مسؤول وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
المؤلف
حرر في ليلة السبت الموافق 29 / 12 / 1421هـ

أولا : مفهوم السفر والمسافر
السُّفْرُ: جمع سافر، والمسافرون: جمع مسافر، والسفر والمسافرون بمعنىً. وسُمِّي المسافر مسافرا؛ لكشفه قناع الكنِّ عن وجهه، ومنازل الحضَرِ عن مكانه، ومنزل الخفض عن نفسه، وبروزه إلى الأرض الفضاء، وسمي السفر سفرا؛ لأنه يسفر عن وجوه المسافرين وأخلاقهم، فيظهر ما كان خافيا منها ( ) فظهر أن السفر: قطع المسافة سمي بذلك؛ لأنه يسفر عن أخلاق الرجال، ومنه قولهـم: سفرت المرأة عن وجهها: إذا أظهرته، والسفر هو الخروج عن عمارة موطن الإقامة قاصدا مكانا يبعد مسافة يصحُّ فيها قصر الصلاة ( ).

ثانيا : أنواع السفر
أنواع السفر على النحو الآتي:
1- سفرٌ حرام، وهو أن يسافر لفعل ما حرمه الله أو حرمه رسوله  مثل: من يسافر للتجارة في الخمر، والمحرمات، وقطع الطريق، أو سفر المرأة بدون محرم ( ).
2- سفر واجب، مثل: السفر لفريضة الحج، أو السفر للعمرة الواجبة، أو الجهاد الواجب.
3- سفر مستحب، مثل: السفر للعمرة غير الواجبة، أو السفر لحج التطوع، أو جهاد التطوع.
4- سفر مباح، مثل: السفر للتجارة المباحة، وكل أمر مباح.
5- سفر مكروه، مثل: سفر الإنسان وحده بدون رفقة إلا في أمر لا بد منه ( ) ؛ لقوله  {لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده} ( ).
فهذه أنواع السفر التي ذكرها أهل العلم، فيجب على كل مسلم أن لا يسافر إلى سفر محرم، وينبغي له أن لا يتعمد السفر المكروه، بل يقتصر في جميع أسفاره على السفر الواجب، والمستحب، والمباح ( ) .
ثالثا : آداب السفر والعمرة والحج
الآداب التي ينبغي للمسافر والمعتمر والحاج المسافر معرفتها والعمل بها؛ ليحصل على عمرة مقبولة، ويُوفَّق لحج مبرور، وسفر مبارك آداب كثيرة منها: آداب واجبة، وآداب مستحبة، وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الآداب الآتية:
1- يستخير الله سبحانه في الوقت، والراحلة ، والرفيق، وجهة الطريق إن كثرت الطرق، ويستشير في ذلك أهل الخبرة والصلاح. أما الحج؛ فإنه خير لا شك فيه. وصفة الاستخارة أن يصلي ركعتين ثم يدعو بالوارد ( ) .
2- يجب على الحاج والمعتمر أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله تعالى، والتقرب إليه، وأن يحذر أن يقصد حطام الدنيا، أو المفاخرة، أو حيازة الألقاب، أو الرياء والسمعة؛ فإن ذلك سبب في بطلان العمل وعدم قبوله. قال سبحانه: {  •                •  } ( ).
{                          } ( ) .
والمسلم هكذا لا يريد إلا وجه الله والدار الآخرة: { •                 • } ( ) وفي الحديث القدسي: {أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه} ( ) .
وقد خاف النبي  على أمته من الشرك الأصغر: {إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر فسُئل عنه فقال: الرياء} ( ) وقال  {من سمَّع سمَّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به} ( ) . {             •     } ( ) .
3- على الحاج والمعتمر التفقه في أحكام العمرة والحج، وأحكام السفر قبل أن يسافر: من القصر، والجمع، وأحكام التيمم، والمسح على الخفين، وغير ذلك مما يحتاجه في طريقه إلى أداء المناسك، قال  {من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين} ( ) .
4- التوبة من جميع الذنوب والمعاصي، سواء كان حاجا أو معتمرا أو غير ذلك فتجب التوبة من جميع الذنوب والمعاصي، وحقيقة التوبة: الإقلاع عن جميع الذنوب وتركها، والندم على فعل ما مضى منها، والعزيمة على عدم العودة إليها، وإن كان عنده للناس مظالم ردها وتحللهم منها، سواء كانت: عرضا أو مالا أو غير ذلك، من قبل أن يُؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أُخِذَ من سيئات أخيه فطرحت عليه ( ).
5- على الحاج أو المعتمر أن ينتخب المال الحلال لحجه وعمرته؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا؛ ولأن المال الحرام يسبب عدم إجابة الدعاء ( ). {وأيما لحم نبت من سحت فالنار أولى به} ( ).
6- يستحب للمسافر أن يكتب وصيته، وما له وما عليه فالآجال بيد الله تعالى: { •               •           •    } ( ) وقال  {ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده} ( ) ويُشهد عليها، ويقضي ما عليه من الديون، ويرد الودائع إلى أهلها أو يستأذنهم في بقائها.
7- يستحب للمسافر أن يوصي أهله بتقوى الله تعالى، وهي وصية الله تعالى للأولين والآخرين {               •             } ( ) .
8- يستحب للمسافر أن يجتهد في اختيار الرفيق الصالح، ويحرص أن يكون من طلبة العلم الشرعي؛ فإن هذا من أسباب توفيقه وعدم وقوعه في الأخطاء في سفره وفي حجه وعمرته، {الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل} ( ) {لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي} ( ).
وقد مثل النبي  {الجليس الصالح بحامل المسك والجليس السوء بنافخ الكير} ( ).
9- يستحب للمسافر أن يودع أهله، وأقاربه ، وأهل العلم: من جيرانه، وأصحابه، قال  {من أراد سفرا فليقل لمن يخلِّف: أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه} ( ) وكان النبي  يودع أصحابه إذا أراد أحدهم سفرا فيقول: {أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك} ( ) وكان  يقول لمن طلب منه أن يوصيه من المسافرين: {زودك الله التقوى، وغفر ذنبك، ويسَّر لك الخير حيث ما كنت} ( ) . {وجاء رجل إلى النبي  يريد سفرا فقال: يا رسول الله أوصني، فقال: أوصيك بتقوى الله والتكبير على كل شرف، فلما مضى قال: اللهم ازوِ له الأرض، وهوِّن عليه السفر} ( ) .
10- يستحب له أن يخرج للسفر يوم الخميس من أول النهار؛ لفعله  . قال كعب بن مالك  {لقلَّما كان رسول الله  يخرج إذا خرج في سفر إلا يوم الخميس} ( ) ودعا لأمته  بالبركة في أول النهار فقال: {اللهم بارك لأمتي في بكورها} ( ) .
11- يستحب له أن يدعو بدعاء الخروج من المنزل فيقول عند خروجه: {بسم الله توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله ( ) اللهم إني أعوذ بك أن أضِلَّ أو أُضَلَّ، أو أزلَّ أو أُزَلَّ، أو أَظلِمَ أو أُظلَمَ، أو أَجْهلَ أو يُجهلَ عليَّ} ( ) .
12- يستحب له أن يدعو بدعاء السفر، إذا ركب دابته، أو سيارته، أو الطائرة، أو غيرها من المركوبات فيقول: {الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر {       •        } ( ) اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هوِّن علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب: في المال، والأهل}. وإذا رجع من سفره قالهن وزاد فيهن {آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون} ( ).
13- يستحب له أن لا يسافر وحده بلا رفقة؛ لقوله  {لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده} ( ) وقال  {الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب} ( ) .
14- يؤمّر المسافرون أحدهم، ليكون أجمع لشملهم، وأدعى لاتفاقهم، وأقوى لتحصيل غرضهم، قال  {إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم} ( ).
15- يستحب إذا نزل المسافرون منزلا أن ينضم بعضهم إلى بعض، فقد كان بعض أصحاب النبي  إذا نزلوا منزلا تفرقوا في الشعاب والأودية فقال  {إنما تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان} ( ) فكانوا بعد ذلك ينضم بعضهم إلى بعض حتى لو بسط عليهم ثوب لوسعهم.
16- يستحب إذا نزل منزلا في السفر أو غيره من المنازل أن يدعو بما ثبت عنه  {أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق؛ فإنه إذا قال ذلك لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك} ( ) .
17- يستحب له أن يكبّر على المرتفعات ويسبّح إذا هبط المنخفضات والأودية ، قال جابر رضي الله عنهما: {كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا} ( ) ولا يرفعوا أصواتهم بالتكبير قال  {يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم؛ فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنه معكم إنه سميع قريب} ( ).
18- يستحب له أن يدعو بدعاء دخول القرية أو البلدة فيقول إذا رآها: {اللهم رب السماوات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما ذرين، أسألك خير هذه القرية وخير أهلها، وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها} ( ) .
19- يستحب له السير أثناء السفر في الليل وخاصة أوله؛ لقوله  {عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل} ( ).
20- يستحب له أن يقول في السَّحَر إذا بدا له الفجر: {سمّع سامع بحمد الله وحسن بلائه علينا. ربنا صاحبنا، وأفضل علينا عائذا بالله من النار} ( ).
21- يستحب له أن يكثر من الدعاء في السفر ؛ فإنه حريٌّ بأن تجاب دعوته، ويُعطى مسألته؛ لقوله  {ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده} ( ) ويكثر الحاج من الدعاء كذلك على الصفا والمروة، وفي عرفات، وفي المشعر الحرام بعد الفجر، وبعد رمي الجمرة الصغرى والوسطى أيام التشريق؛ لأن النبي  أكثر في هذه المواطن الستة من الدعاء ورفع يديه ( ).
22- يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر على حسب طاقته وعلمه، ولابد من أن يكون على علم وبصيرة فيما يأمر وفيما ينهى عنه، ويلتزم الرفق واللين، ولا شك أنه يُخشى على من لم ينكر المنكر أن يعاقبه الله  بعدم قبول دعائه؛ لقوله  {والذي نفسي بيده لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر أو ليوشكنَّ الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم} ( ).
23- يبتعد عن جميع المعاصي، فلا يؤذي أحدا بلسانه، ولا بيده، ولا يزاحم الحجاج والمعتمرين زحاما يؤذيهم، ولا ينقل النميمة ولا يقع في الغيبة، ولا يجادل مع أصحابه وغيرهم إلا بالتي هي أحسن، ولا يكذب، ولا يقول على الله ما لا يعلم، وغير ذلك من أنواع المعاصي والسيئات قال سبحانه: {   •              } ( ). {             } ( ). والمعاصي في الحرم ليست كالمعاصي في غيره، قال سبحانه: { •           ••               } ( ).
24- يحافظ على جميع الواجبات، ومن أعظمها الصلاة في أوقاتها مع الجماعة، ويكثر من الطاعات: كقراءة القرآن، والذكر والدعاء، والإحسان إلى الناس بالقول والفعل، والرفق بهم، وإعانتهم عند الحاجة. قال  {مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى} ( ).
25- يتخلق بالخلق الحسن، ويخالق به الناس، والخلق الحسن يشمل: الصبر، والعفو، والرفق، واللين، والحلم، والأناة وعدم العجلة في الأمور، والتواضع، والكرم والجود، والعدل، والثبات، والرحمة، والأمانة، والزهد والورع، والسماحة والوفاء، والحياء، والصدق، والبر والإحسان، والعفة، والنشاط والمروءة. ولعظم فضل حسن الخلق قال  {أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا} ( ) . {إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم} ( ).
26- يعين الضعيف، والرفيق في السفر : بالنفس، والمال، والجاه، ويواسيهم بفضول المال وغيره مما يحتاجون إليه، فعن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه أنهم كانوا مع رسول الله  في سفر فقال: {من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان معه فضل زاد فليعد به على من لا زاد له، فذكر من أصناف المال حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل} ( ) وعن جابر رضي الله تعالى عنه قال: {كان رسول الله  يتخلف في المسير فيزجي الضعيف ( ) ويردف، ويدعو لهم} ( ) وهذا يدل على رأفته  وحرصه على مصالحهم؛ ليقتدي به المسلمون عامة، والمسؤولون خاصة.
27- أن يتعجل في العودة ولا يطيل المكث في السفر لغير حاجة لقوله  {السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه، فإذا قضى أحدكم نهمته فليعجل إلى أهله} ( ).
28- يستحب له أن يقول أثناء رجوعه من سفره ما ثبت عن النبي  {أنه كان إذا قفل من غزو، أو حج، أو عمرة، يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، آيبون، تائبون، عابدون، ساجدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده} ( ).
29- يستحب له إذا رأى بلدته أن يقول : {آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون}ويردد ذلك حتى يدخل بلدته؛ لفعله  ( ).
30- لا يقدم على أهله ليلا إذا أطال الغيبة لغير حاجة إلا إذا بلَّغهم بذلك وأخبرهم بوقت قدومه ليلا؛ لنهيه  عن ذلك، قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: {نهى النبي  أن يطرق ( ) الرجل أهله ليلا} ( ) ومن الحكمة في ذلك ما فسرته الرواية الأخرى {حتى تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة} ( ) ، وفي أخرى: {نهى رسول الله  أن يطرق الرجل أهله ليلا يتخونهم أو يلتمس عثراتهم} ( ).
31- يستحب للقادم من السفر أن يبتدئ بالمسجد الذي بجواره ويصلي فيه ركعتين؛ لفعله  فإنه {كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين} ( ) .
32- يستحب للمسافر إذا قدم من سفر أن يتلطف بالوِلْدَان من أهل بيته وجيرانه ويحسن إليهم إذا استقبلوه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: {لما قدم النبي  مكة استقبله أُغيلمة بني عبد المطلب فحمل واحدا بين يديه والآخر خلفه} ( ) وقال عبد الله بن جعفر  {كان  إذا قدم من سفر تُلُقِّي بنا، فَتُلُقِّيَ بي وبالحسن أو بالحسين فحمل أحدنا بين يديه والآخر خلفه حتى دخلنا المدينة} ( ).
33- تستحب الهدية، لما فيها من تطييب القلوب وإزالة الشحناء، ويستحب قبولها، والإثابة عليها، ويكره ردها لغير مانع شرعي؛ ولهذا قال  {تهادوا تحابوا} ( ) والهدية سبب من أسباب المودة بين المسلمين؛ ولهذا قال بعضهم: من أسباب المودة بين المسلمين؛ ولهذا قال بعضهم:
هدايا الناس بعضهم لبعض
تولد في قلوبهم الوصالا

وقد ذُكِرَ أن أحد الحجاج عاد إلى أهله فلم يقدِّم لهم شيئا فغضب واحد منهم وأنشد شعرا فقال: وقد ذُكِرَ أن أحد الحجاج عاد إلى أهله فلم يقدِّم لهم شيئا فغضب واحد منهم وأنشد شعرا فقال:
كأن الحجيج الآن ‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌لم يقربوا منى
أتونا فما جادوا بعود أراكة

ولم يحملوا منها سواكا ولا نعلا
ولا وضعوا في كف طفل لنا نقلا ( )

ومن أجمل الهدايا ماء زمزم؛ لأنها مباركة قال  في ماء زمزم: {إنها مباركة، إنها طعام طعم [ وشفاء سقم ]} ( ).
وعن جابر  يرفعه: {ماء زمزم لما شُرِبَ له} ( ) ويُذكر أن النبي  {كان يحمل ماء زمزم في الأداوي والقرب، فكان يصب على المرضى ويسقيهم} ( ).
34- إذا قدم المسافر إلى بلده استحبت المعانقة؛ لما ثبت عن أصحاب النبي  كما قال أنس  {كانوا إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا} ( ).
35- يستحب جمع الأصحاب وإطعامهم عند القدوم من السفر؛ لفعل النبي  فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: {أن رسول الله  لما قدم المدينة نحر جزورا أو بقرة} ( ). زاد معاذ عن شعبة عن محارب سمع جابر بن عبد الله: {اشترى مني النبي  بعيرا بأوقيتين ودرهم أو درهمين فلما قدم صرارا ( ) أمر ببقرة فذبحت فأكلوا منها} ..( ) وهذا الطعام يقال له: (النقيعة) وهي طعام يتخذه القادم من السفر ( ) وهذا الحديث وما جاء في معناه يدل على إطعام الإمام والرئيس أصحابه عند القدوم من السفر وهو مستحب عند السلف ( ).
36- لا يصطحب معه الجرس والمزامير والكلب في السفر؛ لحديث أبي هريرة  أن رسول الله  قال: {لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس} ( ) وعنه  أن رسول الله  قال: {الجرس مزامير الشيطان} ( ).
37- إذا أراد السفر بإحدى زوجاته إن كان له أكثر من واحدة أقرع بينهن فأي زوجة وقعت عليها القرعة خرجت معه؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: {كان رسول الله  إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه} ( ) وهذا هو السنة، إذا أراد أن يسافر ببعض نسائه، فالقرعة فيها راحة عظيمة ( ).

رابعا : الأصل في قصر الصلاة في السفر الكتاب والسنة والإجماع
1- أما الكتاب فقول الله تعالى : {                   •      } ( ).
وعن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب: {              } ( ) فقد أمن الناس، فقال: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله  عن ذلك فقال: {صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته} ( ).
2- وأما السنة فقد تواترت الأخبار أن رسول الله  كان يقصر في أسفاره: حاجًّا، ومعتمرا، وغازيا، قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: {صحبت رسول الهّ  فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبا بكر، وعمر، وعثمان كذلك، رضي الله عنهم} ( ) وعن عائشة رضي الله عنها قالت: {فرض الله الصلاة حين فرضها: ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر} ( ). وفي لفظ للبخاري: {فرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر النبي  ففرضت أربعا وتركت صلاة السفر على الأولى} ( ).
زاد أحمد: {إلا المغرب، فإنها وتر النهار، وإلا الصبح، فإنها تطول فيها القراءة} ( ).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: {فرض الله الصلاة على لسان نبيكم  في الحضر أربعا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة} ( ) وعن عبد الله بن مسعود  {صليت مع رسول الله  بمنى ركعتين، وصليت مع أبي بكر الصديق  بمنى ركعتين، وصليت مع عمر بن الخطاب  ركعتين، فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان} ( ) . وفي لفظ: {صليت مع النبي  ركعتين، ومع أبي بكر  ركعتين، ومع عمر  ركعتين، ثم تفرقت بكم الطرق، فيا ليت حظي من أربع: ركعتان متقبلتان} ( ) .
3- وأما الإجماع، فقد أجمع أهل العلم على أن من سافر سفرا تقصر في مثله الصلاة: في حج، أو عمرة، أو جهاد أن له أن يقصر الرباعية فيصلها ركعتين ( ) وأجمعوا على أن لا يقصر في المغرب ولا في صلاة الصبح ( ).
خامسا : القصر في السفر أفضل من الإتمام
خامسا: القصر في السفر أفضل من الإتمام ؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله  {إن الله يحب أن تؤتى رُخصه كما يكره أن تؤتى معصيته} ( ) وفي رواية: {إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه} ( ) ولكن لو أتم المسافر الصلاة الرباعية أربعا فصلاته صحيحة ولكنه خالف الأفضل؛ لأن عائشة رضي الله عنها كانت تتم في السفر بعد موت النبي  وأتم عثمان  بمنى ( ) ولكن ما داوم عليه رسول الله  في أسفاره أفضل بلا شك ( ) وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله يقول: " أصل الصلاة ركعتان كما فرضها الله تعالى، ثم زاد فيها سبحانه في الحضر بعد الهجرة ثنتين، في العشاء، والظهر، والعصر، وبقيت صلاة السفر على حالها: الظهر، والعصر، والعشاء ركعتان، وهذا يؤيد الأصل، والمغرب والفجر بقيت على أصلها، فالقصر سنة مؤكدة، ولكن لا مانع من الإتمام في السفر، والقصر صدقة من الله، فمن صلى أربعا فلا حرج، وقد كانت عائشة رضي الله عنها تتم في السفر، وتأولت أنه لا يشق عليها، ولم ينكر عليها الصحابة، وهي من أعلم الناس " ( ).
وإذا نسي صلاة الحضر فذكرها في السفر فعليه أن يصليها صلاة حضر تامة من غير قصر إجماعا؛ لأن الصلاة تعيَّن عليه فعلها أربعا فلم يجز له النقصان من عددها؛ ولأنه إنما يقضي ما فاته وقد فاته أربع، وأما إن نسي صلاة السفر فذكرها في الحضر، فقال الإمام أحمد: عليه الإتمام احتياطا، وبه قال الأوزاعي وداود، والشافعي في أحد قوليه، وقال مالك والثوري وأصحاب الرأي: يصليها صلاة سفر؛ لأنه إنما يقضي ما فاته، ولم يفته إلا ركعتان ( ) والله  أعلم ( ) وإن نسيها في سفر وذكرها فيه أو ذكرها في سفر آخر قضاها مقصورة؛ لأنها وجبت في السفر وفعلت فيه ( ).

سادسا : مسافة قصر الصلاة في السفر
قال البخاري رحمه الله: " باب: في كم يقصرُ الصلاة، وسمى النبي  يوما وليلة سفرا، وكان ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم يقصران ويفطران في أربعة برد وهي ستة عشر فرسخا " ( ) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: " قوله: بابٌ في كم يقصر الصلاة ؟ يريد بيان المسافة التي إذا أراد المسافر الوصول إليها ساغ له القصر ولا يسوغ له في أقل منها... وقد أورد المصنف الترجمة بلفظ الاستفهام وأورد ما يدل على اختياره أن أقل مسافة القصر يوم وليلة " ( ) وقول البخاري رحمه الله: " وسمى النبي  يوما وليلة سفرا ". قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " والمعنى سمى مدة اليوم والليلة سفرا، وكأنه يشير إلى حديث أبي هريرة المذكور عنده في الباب " ( ) قلت: وهو قوله  {لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة} ( ) وفي لفظ لمسلم: {لا يحل لامرأة مسلمة تسافر مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو محرم منها} ( ). وفي لفظ: {لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم} ( ) . وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي  قال: {لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم} ( ) ، وفي لفظ: {لا تسافر المرأة ثلاثا إلا مع ذي محرم} ( ). وفي لفظ لمسلم: {لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم} ( ) وعن أبي سعيد الخدري  قال: قال رسول الله  {لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها، أو ابنها، أو زوجها، أو أخوها، أو ذو محرم منها} ( ).
ومن حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي  {لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم} ( ).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: " فإن حُمل اليوم المطلق أو الليلة المطلقة على الكامل: أي يوم بليلته، أو ليلة بيومها قل الاختلاف واندرج في الثلاث فيكون أقل المسافة يوما وليلة " ( ) وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما من قوله: {لا تقصر إلى عرفة وبطن نخلة، واقصر إلى عسفان ( ) والطائف، وجدة، فإذا قدمت على أهل أو ماشية فأتم} ( ).
والخلاصة أن الجمهور من أهل العلم على أن مسافة السفر التي تقصر فيها الصلاة أربعة برد، والبريد مسيرة نصف يوم وهو أربعة فراسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، فإذا كانت مسافة سفر الإنسان ستة عشر فرسخا أو ثمانية وأربعين ميلا فله أن يقصر عند الجمهور ( ) وهذا هو الأحوط للمسلم، وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله يقول ( ) " الأولى في هذا أن ما يعد سفرا تلحقه أحكام السفر: من قصر وجمع، وفطر، وثلاثة أيام للمسح على الخفين؛ لأنه يحتاج إلى الزاد والمزاد: أي ما يعد سفرا وما لا فلا، ولكن إذا عمل المسلم بقول الجمهور وهو أن ما يعد سفرا هو يومين قاصدين ( ) أما البريد والفراسخ الثلاثة فلا تعد عندهم سفرا، فلو عمل الإنسان بهذا القول فهذا حسن من باب الاحتياط؛ لئلا يتساهل الناس فيصلوا قصرا فيما لا ينبغي لهم ذلك، لكثرة الجهل، وقلة البصيرة، ولاسيما عند وجود السيارات، فإن هذا قد يفضي إلى التساهل حتى يفطر في ضواحي البلد، واليومان هما سبعون كيلو أو ثمانون كيلو تقريبا " ( ).
وقال شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله تعالى: " وقال بعض أهل العلم إنه يحدد بالعرف ولا يحدد بالمسافة المقدرة بالكيلوات فما يعد سفرا في العرف يسمى سفرا، وما لا فلا ( ) والصواب ما قرره جمهور أهل العلم وهو التحديد بالمسافة التي ذكرت، وهذا الذي عليه أكثر أهل العلم فينبغي الالتزام بذلك " ( ).

سابعا : يقصر المسافر إذا خرج عن جميع بيوت قريته
قريته أو مدينته إذا كان سفره تقصر في مثله الصلاة، قال ابن المنذر رحمه الله: " وأجمعوا على أن للذي يريد السفر أن يقصر الصلاة إذا خرج عن جميع البيوت من القرية التي خرج منها " ( ) وهذا مذهب جمهور أهل العلم أن المسافر إذا أراد سفرا تقصر في مثله الصلاة لا يقصر حتى يفارق جميع البيوت ( ) قال أنس  {صليت الظهر مع النبي  بالمدينة أربعا، وبذي الحليفة ركعتين} ( ) ، وفي لفظ: {أن رسول الله  صلى الظهر بالمدينة أربعا، وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين} ( ) وهذا فيه دلالة على أنه ليس لمن نوى السفر أن يقصر حتى يخرج من عامر بيوت قريته أو مدينته أو خيام قومه ويجعلها وراء ظهره ( ). وخرج علي  فقصر وهو يرى البيوت، فلما رجع قيل له: هذه الكوفة ؟ قال: لا، حتى ندخلها ( ).
وإذا سافر بعد دخول وقت الصلاة فله قصرها؛ لأنه سافر قبل خروج وقتها، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن له قصرها، وهذا قول مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي، وهو إحدى الروايتين في مذهب الحنابلة ( ) والله أعلم ( ).

ثامنا : إقامة المسافر التي يقصر فيها الصلاة
قال ابن المنذر رحمه الله: " وأجمع أهل العلم لا اختلاف بينهم على أن لمن سافر سفرا يقصر في مثله الصلاة وكان سفره في حج أو عمرة أو غزو أن له أن يقصر الصلاة ما دام مسافرا " ( ).
فعن أنس بن مالك  قال: {خرجنا مع رسول الله  من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين، قلت: كم أقام بمكة ( ) ؟ قال: عشرا} ( ) .
قال ابن قدامة رحمه الله: " وجملة ذلك أن من لم يُجمع إقامة مدة تزيد على إحدى وعشرين صلاة فله القصر ولو أقام سنين " ( ).
أما إذا نوى الإقامة في بلد أكثر من أربعة أيام؛ فإنه يتم؛ لأن النبي  قدم مكة في حجة الوداع يوم الأحد من ذي الحجة، وأقام فيها الأحد، والاثنين، والثلاثاء، والأربعاء، ثم خرج إلى منى يوم الخميس، فقد قدم لصبح رابعة، فأقام اليوم الرابع، والخامس، والسادس، والسابع، وصلى الفجر بالأبطح يوم الثامن، فكان يقصر الصلاة في هذه الأيام، وقد أجمع على إقامتها، فإذا أجمع المسافر أن يقيم كما أقام النبي  قصر، وإذا أجمع على أكثر من ذلك أتم ( ) .
قال ابن عباس رضي الله عنهما: {قدم النبي  وأصحابه لصبح رابعة يلبون بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة إلا من معه الهدي} ( ).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " إذا نوى أن يقيم بالبلد أربعة أيام فما دونها قصر الصلاة كما فعل النبي  لما دخل مكة، فإنه أقام بها أربعة أيام يقصر الصلاة، وإن كان أكثر ففيه نزاع، والأحوط أن يتم الصلاة، وأما إن قال غدا أسافر، أو بعد غد أسافر، ولم ينو المقام فإنه يقصر، فإن النبي  أقام بمكة بضعة عشر يوما، يقصر الصلاة، وأقام بتبوك عشرين ليلة يقصر الصلاة والله أعلم ( ).
وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله يقول عن إقامة النبي  عام الفتح بمكة تسعة عشر يوما يقصر الصلاة ( ) " وقد أقام  في مصالح الإسلام والمسلمين، وهذه الإقامة لم يكن مجمع عليها؛ لهذه الأغراض، فلما حصل المقصود ارتحل إلى المدينة، ومن المعلوم أن المهاجر لا يقيم في بلده أكثر من ثلاثة أيام، ولكنه أقام لهذه المصالح، فإذا أقام المسافر إقامة لم يُجمعها قصر " ( ) . وسمعته يقول عن إقامة النبي  في غزوة تبوك عشرين يوما يقصر الصلاة ( ) " وإقامته  عشرين يوما في تبوك ينظر فيما يتعلق بحرب الروم، هل يتقدم أم يرجع، ثم أذن الله له أن يرجع، واحتج بهذه القصة وقصة الفتح على أنه لا بأس بالقصر مدة الإقامة العارضة، ولو طالت، حتى قال أهل العلم: لو مكث سنين ما دام لم يجمع إقامة، فإنه في سفر، وله أحكام السفر، وهذا هو الصواب، أما إذا أجمع إقامة فاختلف العلماء في مقدارها هل تقدر بعشرين يوما، أو بتسعة عشر يوما، أو بثلاثة أيام، أو أربعة أيام على أقوال: وأحسن ما قيل في ذلك: أربعة أيام؛ لأنها إقامة النبي  في حجة الوداع فإذا أجمع الإقامة أكثر من أربعة أيام أتم، وإن كانت أربعة فأقل قصر؛ لأنها إقامة معزوم عليها، وعليه الشافعي، وأحمد، ومالك، وبقول الشافعي وأحمد ومالك، تنتظم الأدلة، ويكون ذلك صيانة من تلاعب الناس، وهذا هو الأحوط، كما قال الجمهور: أربعة أيام؛ لأن ما زاد عنها غير مجمع عليه، وما نقص من هذا مجمع عليه: أي داخل في المجمع عليه " ( ). وبهذا يخرج المسلم من الخلاف ويترك ما يريبه إلى ما لا يريبه، والله  أعلم ( ).

تاسعا : قصر الصلاة بمنى لأهل مكة وغيرهم من الحجاج
لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: {صليت مع النبي  بمنى ركعتين، وأبي بكر، وعمر، ومع عثمان صدرا من إمارته، ثم أتمها أربعا} ( ). وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: صلى بنا عثمان بن عفان  بمنى أربع ركعات، فقيل ذلك لعبد الله بن مسعود  فاسترجع، قال: {صليت مع رسول الله  بمنى ركعتين، وصليت مع أبي بكر الصديق  بمنى ركعتين، وصليت مع عمر بن الخطاب  ركعتين، فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان} ( ).
وعن يحيى بن أبي إسحاق عن أنس  قال: {خرجنا مع النبي  من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة، قلت: أقمت بمكة شيئا ؟ قال: أقمنا بها عشرا} ( ). وفي لفظ مسلم: {كم أقام بمكة ؟ قال: عشرا} ( ). وفي لفظ لمسلم: {خرجنا من المدينة إلى الحج} ( ).
وحديث أنس هذا لا يعارض حديث ابن عباس: {أقام رسول الله  تسعة عشر يقصر فنحن إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا وإن زدنا أتممنا} ( )؛ لأن حديث ابن عباس كان في فتح مكة وحديث أنس في حجة الوداع، وقد قدم النبي  وأصحابه لصبح رابعة من ذي الحجة، ولا شك أنه  خرج من مكة صبح الرابع عشر فتكون مدة الإقامة بمكة وضواحيها في حجة الوداع عشرة أيام بلياليها كما قال أنس  ( ) .
وعن حارثة بن وهب الخزاعي  قال: {صليت خلف رسول الله  بمنى والناس أكثر ما كانوا فصلى ركعتين في حجة الوداع} ( ).
فهذه سنة رسول الله  فينبغي العمل بها واتباعها ( ).

عاشرا جواز التطوع على المركوب في السفر
يصح التطوع على المركوب في السفر: من راحلة، وطائرة، وسيارة، وسفينة وغيرها من وسائل النقل، أما الفريضة فلا بد من النزول لها إلا عند العجز؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: {كان النبي  يصلى في السفر على راحلته حيث توجهت به، يومئ [ برأسه ] إيماء صلاة الليل إلا الفرائض ويوتر على راحلته} ( ).
وفي لفظ: {غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة} ( ) ؛ ولحديث عامر بن ربيعة  قال: {رأيت النبي  يصلي على راحلته حيث توجهت به} ( ) . وفي لفظ: {ولم يكن رسول الله  يصنع ذلك في المكتوبة} ( ) . وفي لفظ: {أنه رأى النبي  يصلي السبحة بالليل في السفر على ظهر راحلته حيث توجهت به} ( ) ؛ ولحديث جابر  قال: {كان رسول الله  يصلي على راحلته حيث توجهت به، فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة} ( ) .
وفي لفظ: {كان يصلي على راحلته نحو المشرق، فإذا أراد أن يصلي المكتوبة نزل فاستقبل القبلة} ( ) . وفي هذا أحاديث أخرى كحديث أنس  ( ).
ويستحب استقبال القبلة عند تكبيرة الإحرام؛ لحديث أنس  {أن رسول الله  كان إذا سافر فأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة، فكبر، ثم صلى حيث وجهه ركابه}( ) فإذا لم يفعل ذلك فالصلاة صحيحة عملا بالأحاديث الصحيحة كما رجحه شيخنا الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله ( ) .
وذكر الإمام النووي رحمه الله " أن التنفل على الراحلة في السفر الذي تُقصر فيه الصلاة جائز بإجماع المسلمين... " ( ).
وأما السفر الذي لا تقصر فيه الصلاة فالصواب جواز ذلك، وهو مذهب الجمهور ( ) ؛ لقول الله تعالى: {               } ( ) وقد رجح الإمام ابن جرير رحمه الله أن هذه الآية تدخل فيها صلاة التطوع في السفر على الراحلة حيثما توجهت بك راحلتك ( ). وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله عن الإمام الطبري رحمه الله أنه احتج للجمهور: أن الله جعل التيمم رخصة للمريض والمسافر، وقد أجمعوا على أن من كان خارج المصر على ميل أو أقل ونيته العود إلى منزله لا إلى سفر آخر ولم يجد ماءً أنه يجوز له التيمم، فكما جاز له التيمم في هذا القدر جاز له التنفل على الدابة لاشتراكهما في الرخصة ( ).

الحادي عشر : السنة ترك الرواتب في السفر إلا سنة الفجر والوتر
لحديث عاصم بن عمر بن الخطاب، قال: {صحبت ابن عمر في طريق مكة، قال: فصلى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله، وجلس وجلسنا معه، فحانت منه التفاتة نحو حيث صلى، فرأى ناسا قياما، فقال: ما يصنع هؤلاء ؟ قلت: يسبحون، قال: لو كنت مسبحا أتممت صلاتي، يا ابن أخي إني صحبت رسول الله  في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وقد قال الله تعالى: {        } ( )} ( ) . أما سنة الفجر، والوتر فلا تترك لا في الحضر ولا في السفر لحديث عائشة رضي الله عنها في سنة الفجر {أن النبي  لم يكن يدعهما أبدا} ( ) ؛ ولحديث أبي قتادة  في نوم النبي  وأصحابه في السفر عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس، وفيه: {ثم أذن بلال بالصلاة فصلى رسول الله  ركعتين، ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم} ( ).
وأما سنة الوتر؛ فلحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: {كان النبي  يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به، يومئ إيماء صلاة الليل إلا الفرائض، ويوتر على راحلته} ( ). وفي لفظ: {كان يوتر على البعير} ( ).
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: " وكان تعاهده  ومحافظته على سنة الفجر أشد من جميع النوافل، ولم يكن يدعها هي والوتر سفرا ولا حضرا... ولم ينقل عنه في السفر أنه  صلى سنة راتبة غيرهما " ( ) .
وأما التطوع المطلق فمشروع في الحضر والسفر مطلقا، مثل: صلاة الضحى، والتهجد بالليل، وجميع النوافل المطلقة، والصلوات ذوات الأسباب: كسنة الوضوء، وسنة الطواف، وصلاة الكسوف، وتحية المسجد وغير ذلك ( ).
قال الإمام النووي رحمه الله: " وقد اتفق العلماء على استحباب النوافل المطلقة في السفر... " ( ) .
الثاني عشر صلاة المقيم خلف المسافر صحيحة ويتم المقيم بعد سلام المسافر
للآثار في ذلك ( ) والإجماع، قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: " أجمع أهل العلم على أن المقيم إذا ائتم بالمسافر وسلم المسافر من ركعتين أن على المقيم إتمام الصلاة " ( ). وعن عمر  أنه كان إذا قدم مكة صلى بهم ركعتين ثم يقول: {يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قومٌ سفرٌ} ( ).
فظهر من ذلك أن المقيم إذا صلى خلف المسافر صلاة الفريضة: كالظهر، والعصر، والعشاء، فإنه يلزمه أن يكمل صلاته أربعا، أما إذا صلى المقيم خلف المسافر طلبا لفضل الجماعة، وقد صلى المقيم فريضته، فإنه يصلي مثل صلاة المسافر ركعتين؛ لأنها في حقه نافلة( ).
وإذا أم المسافر المقيمين فأتم بهم فصلاتهم تامة صحيحة وخالف الأفضل ( ).
الثالث عشر : صلاة المسافر خلف المقيم صحيحة
ويتم المسافر مثل صلاة إمامه، سواء أدرك جميع الصلاة، أو ركعة، أو أقل، وحتى لو دخل معه في التشهد الأخير قبل السلام فإنه يتم، وهذا هو الصواب من قولي أهل العلم؛ لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما من حديث موسى بن سلمة رحمه الله قال: {كنا مع ابن عباس بمكة فقلت: إنا إذا كنا معكم صلينا أربعا وإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين، قال: تلك سنة أبي القاسم } ( ). وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا صلى مع الإمام صلى أربعا وإذا صلاها وحده صلى ركعتين ( ) .
وذكر الإمام ابن عبد البر رحمه الله أن في إجماع الجمهور من الفقهاء على أن المسافر إذا دخل في صلاة المقيمين فأدرك منها ركعة أنه يلزمه أن يصلي أربعا ( ) . وقال: " قال أكثرهم إنه إذا أحرم المسافر خلف المقيم قبل سلامه أنه تلزمه صلاة المقيم، وعليه الإتمام " ( ).
ومما يدل على أن المسافر إذا صلى خلف المقيم يلزمه الإتمام عموم قوله  {إنما جُعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه، فإذا كبَّر فكبِّروا} ( ).

الرابع عشر : نية القصر أو الجمع عند افتتاح الصلاة والموالاة بين الصلاتين المجموعتين
اختلف العلماء هل يشترط للقصر والجمع نية؟ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " الجمهور لا يشترطون النية: كمالك، وأبي حنيفة، وهو أحد القولين في مذهب أحمد وهو مقتضى نصوصه، والثاني تشترط: كقول الشافعي، وكثير من أصحاب أحمد: كالخرقي وغيره، والأول أظهر، ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه " ( ) . وقال رحمه الله: " والأول هو الصحيح الذي تدل عليه سنة النبي  فإنه كان يقصر بأصحابه ولا يعلمهم قبل الدخول في الصلاة أنه يقصر، ولا يأمرهم بنية القصر... وكذلك لما جمع بهم لم يعلمهم أنه جمع قبل الدخول، بل لم يكونوا يعلمون أنه يجمع حتى يقضي الصلاة الأولى، فعلم أيضا أن الجمع لا يفتقر إلى أن ينوي حين الشروع في الأولى" ( ) وقال رحمه الله: " والنبي  لما كان يصلي بأصحابه جمعا وقصرا لم يكن يأمر أحدا منهم بنية الجمع والقصر، بل خرج من المدينة إلى مكة يصلي ركعتين من غير جمع، ثم صلى بهم الظهر بعرفة ولم يعلمهم أنه يريد أن يصلي العصر بعدها ثم صلى بهم العصر، ولم يكونوا نووا الجمع، وهذا جمع تقديم، وكذلك لما خرج من المدينة صلى بهم بذي الحليفة ركعتين ولم يأمرهم بنية قصر " ( ).
وقال سماحة شيخنا الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله: "... والراجح أن النية ليست بشرط عند افتتاح الصلاة الأولى، بل يجوز الجمع بعد الفراغ من الأولى إذا وجد شرطه: من خوف، أو مطر، أو مرض " ( ) . فظهر أن الصحيح من قولي أهل العلم أن النية ليست بشرط عند افتتاح الصلاة في القصر والجمع ( ).
أما الموالاة بين الصلاتين المجموعتين فقد اشترطها بعضهم، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله والعلامة السعدي عدم اشتراط الموالاة ( ).
وقال شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله: " الواجب في جمع التقديم الموالاة بين الصلاتين، ولا بأس بالفصل اليسير عرفا؛ لما ثبت عن النبي  في ذلك وقد قال  {صلوا كما رأيتموني أصلي} ( ) . أما جمع التأخير فالأمر فيه واسع؛ لأن الثانية تفعل في وقتها؛ ولكن الأفضل هو الموالاة بينهما تأسيا بالنبي  في ذلك، والله ولي التوفيق " ( ) . والله أعلم ( ).

الخامس عشر : رخص السفر
من قواعد الشريعة: " المشقة تجلب التيسير " ( ). ولما كان السفر قطعة من العذاب؛ لقوله  {السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه، ونومه، فإذا قضى نهمته فليعجل إلى أهله} ( ) رتب الشارع ما رتب من الرخص، حتى ولو فُرِض خلوُّه عن المشاق؛ لأن الأحكام تعلَّق بعللها العامة، وإن تخلفت في بعض الصور والأفراد، فالحكم الفرد يُلحق بالأعم، ولا يفرد بالحكم، وهذا معنى قول الفقهاء رحمهم الله: " النادر لا حكم له " يعني لا ينقص القاعدة ولا يخالف حكمه حكمها، فهذا أصل يجب اعتباره، فأعظم رخص السفر وأكثرها حاجة ما يلي:
1- القصر؛ ولذلك ليس للقصر من الأسباب غير السفر ؛ ولهذا أضيف السفر إلى القصر لاختصاصه به، فتقصر الرباعية من أربع إلى ركعتين.
2- الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في وقت إحداهما، والجمع أوسع من القصر، ولهذا له أسباب أُخر غير السفر: كالمرض، والاستحاضة، والمطر، والوحل، والريح الشديدة الباردة، ونحوها من الحاجات، والقصر أفضل من الإتمام، بل يكره الإتمام لغير سبب، وأما الجمع في السفر فالأفضل تركه إلا عند الحاجة إليه، أو إدراك الجماعة، فإذا اقترن به مصلحة جاز.
3- الفطر في رمضان من رخص السفر .
4- الصلاة النافلة على الراحلة أو وسيلة النقل إلى جهة سيره .
5- وكذلك المتنفل الماشي .
6- المسح على الخفين، والعمامة، والخمار، ونحوها، ثلاثة أيام بلياليها؛ لحديث علي بن أبي طالب  قال: {جعل رسول الله  ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم} ( ) . وأما التيمم فليس سببه السفر، وإن كان الغالب أن الحاجة إليه في السفر أكثر منه في الحضر، وكذلك أكل الميتة للمضطر عام في السفر والحضر، ولكن في الغالب وجود الضرورة في السفر.
7- ترك الرواتب في السفر، ولا يكره له ذلك ، مع أنه يكره تركها في الحضر، أما راتبة الفجر وصلاة الوتر، والصلوات المطلقة فتصلى حضرا وسفرا.
8- من رخص السفر ما ثبت عن النبي  أنه قال: {إذا مرض العبد أو سافر كُتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا} ( ) . فالأعمال التي يعملها في حضره: من الأعمال القاصرة على نفسه، والمتعدية يجري له أجرها إذا سافر، وكذلك إذا مرض، فيا لها من نعمة ما أجلها وأعظمها.
وأما صلاة الخسوف فليس سببه السفر، ولكنه فيه أكثر ( ) .

السادس عشر : الجمع وأنواعه ودرجاته
1- الجمع بعرفة
لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: {إنهم كانوا يجمعون بين الظهر والعصر في السُّنة} ( ) " وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا فاتته الصلاة مع الإمام جمع بينهما " ( ) . وعن جابر  في حديثه في حجة الوداع، وفيه: {أن النبي  أتى بطن الوادي فخطب الناس، ثم أذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئا} ( ).
ومما يدل على أنه  صلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين حديث أنس  قال: {خرجنا مع النبي  من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة} ( ) . وفي لفظ لمسلم: {خرجنا من المدينة إلى الحج} ( ).
2- الجمع بمزدلفة
لحديث جابر  أن النبي  حينما أفاض من عرفة: {أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما ( ) . شيئا} ( ) ولحديث أسامة بن زيد  وفيه: {أن النبي  لما جاء المزدلفة نزل فتوضأ، فأسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء فصلاها، ولم يصل بينهما شيئا} ( ) ؛ ولحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: {جمع رسول الله  بين المغرب والعشاء بجَمْع، ليس بينهما سجدة، وصلى المغرب ثلاث ركعات وصلى العشاء ركعتين} ( ).
3- الجمع في الأسفار الأخرى أثناء السير في وقت الأولى أو الثانية أو بينهما
لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: {كان رسول الله  يجمع بين صلاة الظهر والعصر، إذا كان على ظهر سير ( ) . ويجمع بين المغرب والعشاء} ( ) وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: {كان النبي  يجمع بين المغرب والعشاء إذا جدَّ به السير( ) }( ) . وعن أنس  قال: {كان النبي  يجمع بين صلاة المغرب والعشاء في السفر}( ).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " أورد فيه ثلاثة أحاديث ( ) حديث ابن عمر وهو مقيد بما إذا جد السير، وحديث ابن عباس، وهو مقيد بما إذا كان سائرا، وحديث أنس وهو مطلق، واستعمل المصنف الترجمة مطلقة إشارة إلى العمل بالمطلق؛ لأن القيد فرد من أفراده، وكأنه رأى جواز الجمع بالسفر: سواء كان سائرا، أم لا، وسواء كان سيره مجدا أم لا " ( ) . وعلى ذلك كثير من الصحابة رضي الله عنهم ( ) . وهو الذي تدل عليه الأحاديث الصحيحة الصريحة ( ) . فعن أنس بن مالك  قال: {كان النبي  إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس ( ) أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما، وإذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب} ( ) . وفي رواية للحاكم في الأربعين: {صلى الظهر والعصر، ثم ركب} ( ) ؛ ولأبي نعيم في مستخرج مسلم: {كان إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم ارتحل} ( ).
وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله يقول: " هذا يدل على أن الجمع يراعى فيه الرحيل قبل الوقت وبعد الوقت، فإن كان الرحيل قبل الوقت جمع جمع تأخير، وإن كان بعد الوقت جمع جمع تقديم، هذا هو الأفضل، وكيفما جمع جاز؛ لأن الوقتين صارا وقتا واحدا، فلو صلى أول الوقت، أو آخره، فلا بأس، ففي حالة السفر والمرض يكون وقت الظهر والعصر وقتا واحدا، والمغرب والعشاء وقتا واحدا، ولكن الأفضل ما تقدم " ( ).
ومما يدل على مشروعية جمع التقديم حديث معاذ  قال: {خرجنا مع رسول الله  في غزوة تبوك، فكان يصلي الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا} ( ). وقد فصل هذا الإجمال رواية الترمذي وأبي داود عن معاذ  {أن النبي  كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخر الظهر إلى أن يجمعها إلى العصر فيصليهما جميعا، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس عجل العصر إلى الظهر، وصلى الظهر والعصر جميعا، ثم سار، وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء، وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب} ( ).
4- درجات الجمع في السفر ثلاث ( )
الدرجة الأولى
إذا كان المسافر سائرا في وقت الصلاة الأولى فإنه ينزل في وقت الثانية فيصلي جمع تأخير في وقت الثانية ( ) فهذا هو الجمع الذي ثبت في الصحيحين من حديث أنس، وابن عمر، كما تقدم، وهو نظير جمع مزدلفة.
الدرجة الثانية
إذا كان المسافر نازلا في وقت الصلاة الأولى ويكون سائرا في وقت الصلاة الثانية؛ فإنه يصلي جمع تقديم في وقت الأولى، وهذا نظير الجمع بعرفة، وهذا الذي ثبت من حديث أنس  في رواية الحاكم ومستخرج مسلم لأبي نعيم، وثبت من حديث معاذ  في سنن الترمذي وأبي داود كما تقدم.
الدرجة الثالثة
إذا كان المسافر نازلا في وقت الصلاتين جميعا نزولا مستمرا، فالغالب من سنة النبي  أنه لا يجمع بينهما وإنما يصلي كل صلاة في وقتها مقصورة كما فعل  في منى وفي أكثر أسفاره، ولكن قد يجمع أحيانا أثناء نزوله نزولا مستمرا كما جاء عن معاذ  أنهم خرجوا مع رسول الله  في غزوة تبوك، {فكان رسول الله  يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، فأخر الصلاة يوما ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا، ثم دخل، ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا} ( ) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " ظاهره أنه كان نازلا في خيمة في السفر، وأنه أخر الظهر ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا، ثم دخل إلى بيته ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا، فإن الدخول والخروج إنما يكون في المنزل، وأما السائر فلا يقال: دخل وخرج بل نزل وركب... وهذا دليل على أنه  كان يجمع أحيانا في السفر وأحيانا لا يجمع، وهو الأغلب على أسفاره...
وهذا يبين أن الجمع ليس من سنة السفر كالقصر، بل يفعل للحاجة، سواء كان في السفر أو الحضر؛ فإنه قد جمع أيضا في الحضر؛ لئلا يحرج أمته، فالمسافر إذا احتاج إلى الجمع جمع، سواء كان ذلك سيره وقت الثانية، أو وقت الأولى وشق النزول عليه، أو كان مع نزوله لحاجة أخرى: مثل أن يحتاج إلى النوم والاستراحة وقت الظهر، ووقت العشاء، فينزل وقت الظهر وهو تعبان سهران جائع محتاج إلى راحة وأكل ونوم، فيؤخر الظهر إلى وقت العصر، ثم يحتاج أن يقدم العشاء مع المغرب وينام بعد ذلك؛ ليستيقظ نصف الليل لسفره، فهذا ونحوه يباح له الجمع. وأما النازل أياما في قرية أو مصر وهو في ذلك كأهل المصر: فهذا وإن كان يقصر لأنه مسافر فلا يجمع " ( ).
واستدُلَّ على أن المسافر يجمع بين الصلاتين عند الحاجة في نزوله في السفر بحديث أبي جحيفة  {أنه أتى النبي  وهو نازل بمكة بالأبطح في حجة الوداع في قبة له حمراء من أدم، قال: فخرج النبي  بالهاجرة عليه حلة حمراء، فتوضأ وأذن بلال، ثم ركزت له عنزة فتقدم فصلى بهم بالبطحاء الظهر ركعتين، والعصر ركعتين} ( ) . قال النووي رحمه الله: " فيه دليل على القصر والجمع في السفر، وفيه أن الأفضل لمن أراد الجمع وهو نازل في وقت الأولى أن يقدم الثانية إلى الأولى، وأما من كان في وقت الأولى سائرا فالأفضل تأخير الأولى إلى وقت الثانية " ( ) والله تعالى أعلم ( ).
5- الجمع للمريض الذي يلحقه بتركه مشقة وضعف جائز
لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: {جمع رسول الله  بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر} ( ) ، وفي لفظ: {صلى رسول الله  الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا، في غير خوف ولا سفر} ( ) ، وسئل ابن عباس لِمَ فعل ذلك ؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته، وفي لفظ: أراد أن لا يحرج أحدا من أمته ( ).
وعنه  قال: {صليت مع رسول الله  بالمدينة ثمانيا جميعا، وسبعا جميعا، الظهر والعصر، والمغرب والعشاء} ( ).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " فانتفى أن يكون الجمع المذكور: للخوف، أو السفر، أو المطر، وجوز بعض العلماء أن يكون الجمع المذكور للمرض.. " ( ) قال الإمام النووي رحمه الله: "... ومنهم من قال: هو محمول على الجمع بعذر المرض أو نحوه مما هو في معناه من الأعذار... وهو المختار في تأويله لظاهر الحديث، ولفعل ابن عباس وموافقة أبي هريرة؛ ولأن المشقة فيه أشد من المطر... " ( ) .
وقال شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله: " الصواب حمل الحديث المذكور على أنه  جمع بين الصلوات المذكورة لمشقة عارضة ذلك اليوم: من مرض غالب، أو برد شديد، أو وحل، ونحو ذلك ويدل على ذلك قول ابن عباس لما سئل عن علة هذا الجمع قال: " لئلا يحرج أمته " وهذا جواب عظيم، سديد، شافٍ. والله أعلم " ( ) . وقد ثبت {أن النبي  أمر حمنة بنت جحش لما كانت مستحاضة بتأخير الظهر وتعجيل العصر، وتأخير المغرب وتعجيل العشاء} ( ) وهذا هو الجمع الصوري ( ) . والمرض المبيح للجمع هو ما يلحقه به بتأدية كل صلاة في وقتها مشقة وضعف، والمريض مخير في جمع التقديم والتأخير على حسب ما يكون أيسر له، فإن استوى عنده الأمران فالتأخير أولى ( ) والله الموفق ( ).

6- الجمع في المطر الذي تحصل به المشقة على الناس
لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: {جمع رسول الله  بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر} ( ) . وفي لفظ: {في غير خوف ولا سفر} ( ) فسئل لِمَ فعل ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته ( ) . قال المجد ابن تيمية رحمه الله: " وهذا يدل بفحواه على الجمع للمطر، والخوف، والمرض، وإنما خولف ظاهر منطوقه في الجمع لغير عذر، للإجماع، ولأخبار المواقيت، فيبقى فحواه على مقتضاه، وقد صح الحديث في الجمع للمستحاضة، والاستحاضة نوع مرض " ( ).
وقال العلامة الألباني رحمه الله عن قول ابن عباس رضي الله عنهما: {في غير خوف ولا مطر} ( ) ... يشعر أن الجمع في المطر كان معروفا في عهده  ولو لم يكن كذلك لما كان ثمة فائدة من نفي المطر كسبب مبرر للجمع فتأمل " ( ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن قول ابن عباس رضي الله عنهما أيضا: {من غير خوف ولا مطر ولا سفر} ( ) : " والجمع الذي ذكره ابن عباس لم يكن بهذا ولا هذا، وبهذا استدل أحمد به على الجمع لهذه الأمور بطريق الأولى؛ فإن هذا الكلام يدل على أن الجمع لهذه الأمور أولى، وهذا من باب التنبيه بالفعل؛ فإنه إذا جمع يرفع الحرج الحاصل بدون الخوف، والمطر، والسفر، فالحرج الحاصل بهذه أولى أن يرفع، والجمع لها أولى من الجمع لغيرها " ( ) .
وقد جاء في الجمع بسبب المطر آثار ( ) . عن الصحابة والتابعين، فعن نافع: " أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء في المطر جمع معهم " ( ).
" وعن هشام بن عروة أن أباه عروة، وسعيد بن المسيب، وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي، كانوا يجمعون بين المغرب والعشاء في الليلة المطيرة إذا جمعوا بين الصلاتين، ولا ينكرون ذلك " ( ) .
وعن موسى بن عقبة: " أن عمر بن عبد العزيز كان يجمع بين المغرب والعشاء الآخرة إذا كان المطر، وأن سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وأبا بكر بن عبد الرحمن، ومشيخة ذلك الزمان كانوا يصلون معهم ولا ينكرون ذلك " ( ) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " فهذه الآثار تدل على أن الجمع للمطر من الأمر القديم المعمول به بالمدينة زمن الصحابة والتابعين، مع أنه لم ينقل أن أحدا من الصحابة والتابعين أنكر ذلك فعلم أنه منقول عندهم بالتواتر جواز ذلك، لكن لا يدل على أن النبي  لم يجمع إلا للمطر، بل إذا جمع لسبب هو دون المطر مع جمعه أيضا للمطر، كان قد جمع من غير خوف ولا مطر، كما أنه إذا جمع في السفر، وجمع في المدينة كان قد جمع في المدينة من غير خوف ولا سفر، فقول ابن عباس: جمع من غير كذا ولا كذا ليس نفيا منه للجمع بتلك الأسباب، بل إثبات منه؛ لأنه جمع بدونها، وإن كان قد جمع بها أيضا " ( ) . والله أعلم ( ) قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: " والمطر المبيح للجمع هو ما يبل الثياب وتلحق المشقة بالخروج فيه، وأما الطل والمطر الخفيف الذي لا يبل الثياب، فلا يبيح، والثلج كالمطر في ذلك؛ لأنه في معناه، وكذلك البرد " ( ).
والجمع للمطر ونحوه الأفضل أن يقدم في وقت الأولى؛ لأن السلف إنما كانوا يجمعون في وقت الأولى؛ ولأنه أرفق بالناس، ولا شك أنه إذا جاز الجمع صار الوقتان وقتا واحدا ( ).

7- الجمع لأجل الوحل الشديد ( ) والريح الشديدة الباردة
لحديث عبد الله بن عباس أنه قال لمؤذنه في يوم مطير: {إذا قلت أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة، قل: صلوا في بيوتكم، فكأن الناس استنكروا ذلك فقال: أتعجبون من ذا ؟ فقد فعل ذا من هو خير مني إن الجمعة عزمة ( ) وإني كرهت أن أُحرجكم فتمشوا في الطين والدحض} . وفي لفظ: {أذن مؤذن ابن عباس في يوم الجمعة في يوم مطير... وقال: وكرهت أن تمشوا في الدحض والزلل} ( ) " ( ) .
ذكر النووي رحمه الله أن هذا الحديث دليل على تخفيف أمر الجماعة في المطر ونحوه من الأعذار، وأنها متأكدة إذا لم يكن عذر، وأنها مشروعة لمن تكلف الإتيان إليها، وتحمل المشقة؛ لقوله في الرواية الأخرى: {ليصل من شاء في رحله} ( ) وأنها مشروعة في السفر. والحديث دليل على سقوط الجمعة بعذر المطر ونحوه ( ) .
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: " فأما الوحل بمجرد فقال القاضي: قال أصحابنا: هو عذر؛ لأن المشقة تلحق بذلك في النعال، والثياب كما تلحق بالمطر، وهو قول مالك... " ( ) ثم إن هذا القول أصح؛ لأن الوحل يلوث الثياب والنعال، ويتعرض الإنسان للزلق، فيتأذى بنفسه وثيابه، وذلك أعظم من البلل، وقد ساوى المطر في العذر في ترك الجمعة والجماعة، فدل على تساويهما في المشقة المرعية في الحكم " ( ) .
وكذلك الريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة يجوز الجمع فيها؛ لحصول المشقة ( ).
وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن صلاة الجمع في المطر بين العشاءين: هل يجوز من البرد الشديد، أو الريح الشديدة، أم لا يجوز إلا من المطر خاصة؟ فأجاب: " الحمد للّه رب العالمين، يجوز الجمع بين العشاءين للمطر، والريح الشديدة الباردة، والوحل الشديد، وهذا أصح قولي العلماء، وهو ظاهر مذهب أحمد، ومالك، وغيرهما، والله أعلم " ( ) ثم قال: " وذلك أولى من أن يصلوا في بيوتهم، بل ترك الجمع مع الصلاة في البيوت بدعة مخالف للسنة، إذ السنة أن تصلى الصلوات الخمس في المساجد جماعة، وذلك أولى من الصلاة في البيوت باتفاق المسلمين " ( ).
وقد اختلف العلماء في جواز الجمع بين الظهر والعصر، في الأعذار المبيحة للجمع في الحضر، فقال قوم: لا يجوز الجمع إلا للمغرب والعشاء؛ لأن الألفاظ وردت بالجمع في الليلة المطيرة، والقول الثاني: جواز الجمع بين الظهر والعصر، لأن الألفاظ لا تمنع أن يجمع في يوم مطير؛ لأن العلة هي المشقة، فإذا وجدت المشقة في ليل أو نهار جاز الجمع ( ) وقال العلامة محمد بن قاسم رحمه الله: " الوجه الآخر يجوز [ الجمع ]، بين الظهرين كالعشاءين، اختاره القاضي، وأبو الخطاب، والشيخ ( ) وغيرهم، ولم يذكر الوزير عن أحمد غيره، وقدمه، وجزم به، وصححه غير واحد، وهو مذهب الشافعي " ( ) وقال العلامة السعدي رحمه الله: " والصحيح جواز الجمع إذا وجد العذر، ولا يشترط غير وجود العذر، لا موالاة ولا نية... " ( ) وقال شيخنا عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله: " أما الجمع فأمره أوسع؛ فإنه يجوز للمريض، ويجوز أيضا للمسلمين في مساجدهم عند وجود المطر، أو الدحض، بين المغرب والعشاء، وبين الظهر والعصر ولا يجوز لهم القصر؛ لأن القصر مختص بالسفر فقط، وبالله التوفيق " ( ).
وبين رحمه الله أن الضابط في الجمع بين الصلاتين وجود العذر، فإذا وجد العذر جاز أن يجمع بين الصلاتين: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، لعذر المرض، والسفر، والمطر الشديد في أصح قولي العلماء وبعض أهل العلم يمنع الجمع بين الظهر والعصر في البلد للمطر ونحوه: كالدحض الذي تحصل به مشقة والصواب جواز ذلك كالجمع بين المغرب والعشاء، إذا كان الدحض أو المطر شديدا يحصل به المشقة، فإذا جمع بين الظهر والعصر جمع تقديم فلا بأس كالمغرب والعشاء، سواء جمع في أول الوقت، أو في وسطه " ( ).
وأما صلاة العصر في جميع الأعذار فلا يصح أن تجمع إلى صلاة الجمعة؛ لأن الجمعة صلاة منفردة مستقلة في شروطها، وهيئاتها وأركانها، وثوابها، والسنة إنما وردت في الجمع بين الظهر والعصر، ولم يرد عن النبي  أنه جمع العصر إلى الجمعة، فلا يصح أن تقاس الجمعة على الظهر، ولكن لو صلى المسافر ظهرا يوم الجمعة ولم يصل الجمعة مع المقيمين فلا حرج أن يجمع إليها العصر؛ لأن المسافر لا جمعة عليه، ولأن النبي  جمع بين الظهر والعصر في حجة الوداع، يوم الجمعة يوم عرفة، بأذان واحد وإقامتين ولم يصل جمعة، ومن جمع من أهل الأعذار صلاة العصر مع الجمعة فعليه أن يعيد صلاة العصر؛ لأنه صلى قبل الوقت على وجه لا يجوز فيه الجمع، فلا يجوز الجمع بين صلاة الجمعة والعصر: لا في سفر، ولا مطر، ولا وحل، ولا غير ذلك، وإنما يجب على من صلى الجمعة من أهل الأعذار أن يصلي العصر في وقتها " ( ) .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله أجمعين



فهرس الآيات
إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه 15
إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري 8
الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال 15
قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين 6
قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجوا 6
لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين 6
لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا 11
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر 41
من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له 7
وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم 23
والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا 15
ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم 39
ولله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب 9
وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة 7

فهرس الأحاديث
أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح 50
إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم 12
إذا قلت أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل حي 62
إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا 49
أذن مؤذن ابن عباس في يوم الجمعة في يوم مطير وقال وكرهت أن تمشوا في 62
أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك 9
أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق؛ فإنه إذا قال ذلك لم يضره شيء 13
أقام رسول الله تسعة عشر يقصر فنحن إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا وإن زدنا أتممنا 37
أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا 16
إلا المغرب، فإنها وتر النهار، وإلا الصبح، فإنها تطول فيها القراءة 24
إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر فسئل عنه فقال الرياء 7
إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته 25
إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم 16
أن النبي أتى بطن الوادي فخطب الناس، ثم أذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم 50
أن النبي أمر حمنة بنت جحش لما كانت مستحاضة بتأخير الظهر وتعجيل العصر، 58
أن النبي كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخر الظهر إلى أن 53
أن النبي لم يكن يدعهما أبدا 41
أن النبي لما جاء المزدلفة نزل فتوضأ، فأسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة 51
أن رسول الله صلى الظهر بالمدينة أربعا، وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين 31
أن رسول الله كان إذا سافر فأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة، فكبر، 39
أن رسول الله لما قدم المدينة نحر جزورا أو بقرة 20
أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه 7
إنما تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان 12
إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا 45
أنه أتى النبي وهو نازل بمكة بالأبطح في حجة الوداع في قبة له حمراء 56
أنه رأى النبي يصلي السبحة بالليل في السفر على ظهر راحلته حيث توجهت به 38
أنه كان إذا قفل من غزو، أو حج، أو عمرة، يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث 17
إنها مباركة، إنها طعام طعم [وشفاء سقم ] 20
إنهم كانوا يجمعون بين الظهر والعصر في السنة 50
آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون 11, 18
اشترى مني النبي بعيرا بأوقيتين ودرهم أو درهمين فلما قدم صرارا صرار 21
الجرس مزامير الشيطان 21
الجليس الصالح بحامل المسك والجليس السوء بنافخ الكير 9
الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب 12
الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل 9
السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه، فإذا قضى أحدكم 17, 48
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له 11
اللهم بارك لأمتي في بكورها 10
اللهم رب السماوات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب 13
بسم الله توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله أخرجه أبو داود 11
ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة 14
ثم أذن بلال بالصلاة فصلى رسول الله ركعتين، ثم صلى الغداة فصنع كما 41
جعل رسول الله ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم 49
جمع رسول الله بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر 57, 59
جمع رسول الله بين المغرب والعشاء بجمع، ليس بينهما سجدة، وصلى المغرب 51
حتى تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة 18
خرجنا مع النبي من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا 36
خرجنا مع النبي من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة 50
خرجنا مع رسول الله في غزوة تبوك، فكان يصلي الظهر والعصر جميعا، والمغرب 53
خرجنا مع رسول الله من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين، قلت 33
خرجنا من المدينة إلى الحج 36, 50
رأيت النبي يصلي على راحلته حيث توجهت به 38
زودك الله التقوى، وغفر ذنبك، ويسر لك الخير حيث ما كنت 10
سمع سامع بحمد الله وحسن بلائه علينا ربنا صاحبنا، وأفضل علينا عائذا 14
صحبت ابن عمر في طريق مكة، قال فصلى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا 41
صحبت رسول الله فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبا بكر، وعمر، وعثمان 23
صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته 23
صلوا كما رأيتموني أصلي 47
صلى الظهر والعصر، ثم ركب 53
صلى رسول الله الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا، في غير خوف ولا سفر 57
صليت الظهر مع النبي بالمدينة أربعا، وبذي الحليفة ركعتين 31
صليت خلف رسول الله بمنى والناس أكثر ما كانوا فصلى ركعتين في حجة الوداع 37
صليت مع النبي بمنى ركعتين، وأبي بكر، وعمر، ومع عثمان صدرا من إمارته، 36
صليت مع النبي ركعتين، ومع أبي بكرركعتين، ومع عمرركعتين، ثم تفرقت بكم 24
صليت مع رسول الله بالمدينة ثمانيا جميعا، وسبعا جميعا، الظهر والعصر، 57
صليت مع رسول الله بمنى ركعتين، وصليت مع أبي بكر الصديقبمنى ركعتين، 24, 36
عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل 14
غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة 38
فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، فأقرت صلاة 23
فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة 24
فرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر النبي ففرضت أربعا وتركت صلاة السفر على الأولى 24
فكان رسول الله يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، فأخر الصلاة 55
في غير خوف ولا سفر 59
في غير خوف ولا مطر 59
قدم النبي وأصحابه لصبح رابعة يلبون بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة إلا 34
كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين 18
كان إذا قدم من سفر تلقي بنا، فتلقي بي وبالحسن أو بالحسين فحمل أحدنا 19
كان إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم ارتحل 53
كان النبي يجمع بين المغرب والعشاء إذا جد به السير 51
كان النبي إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس تزيغ الشمس زاغت الشمس، تزيغ 52
كان النبي يجمع بين صلاة المغرب والعشاء في السفر 51
كان النبي يصلى في السفر على راحلته حيث توجهت به، يومئ [ برأسه ] 38
كان النبي يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به، يومئ إيماء صلاة الليل 42
كان رسول الله إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها 35 معه 21
كان رسول الله يتخلف في المسير فيزجي الضعيف ومعنى يزجي الضعيف أي يسوقه 17
كان رسول الله يجمع بين صلاة الظهر والعصر، إذا كان على ظهر سير إذا 51
كان رسول الله يصلي على راحلته حيث توجهت به، فإذا أراد الفريضة نزل 38
كان يحمل ماء زمزم في الأداوي والقرب، فكان يصب على المرضى ويسقيهم 20
كان يصلي على راحلته نحو المشرق، فإذا أراد أن يصلي المكتوبة نزل 39
كان يوتر على البعير 42
كم أقام بمكة ؟ قال عشرا 36
كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا 13
كنا مع ابن عباس بمكة فقلت إنا إذا كنا معكم صلينا أربعا وإذا رجعنا 44
لا تسافر المرأة ثلاثا إلا مع ذي محرم 28
لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم 28
لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي 9
لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس 21
لا تقصر إلى عرفة وبطن نخلة، واقصر إلى عسفان عسفان منهلة من مناهل الطريق 28
لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة ثلاث ليال إلا 28
لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام 28
لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة 27
لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم 27
لا يحل لامرأة مسلمة تسافر مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو محرم منها 27
لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم 28
لقلما كان رسول الله يخرج إذا خرج في سفر إلا يوم الخميس 10
لما قدم النبي مكة استقبله أغيلمة بني عبد المطلب فحمل واحدا بين يديه والآخر خلفه 19
لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده 5, 12
ليصل من شاء في رحله 62
ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده 8
ماء زمزم لما شرب له 20
مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو 16
من أراد سفرا فليقل لمن يخلف أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه 9
من سمع سمع الله به، ومن يرائي يرائي الله به 7
من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان معه فضل زاد 16
من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين 7
نهى النبي أن يطرق لا يطرق أهله أي لا يدخل عليهم ليلا إذا قدم من سفر 18
نهى رسول الله أن يطرق الرجل أهله ليلا يتخونهم أو يلتمس عثراتهم 18
وأيما لحم نبت من سحت فالنار أولى به 8
والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن 15
وجاء رجل إلى النبي يريد سفرا فقال يا رسول الله أوصني، فقال أوصيك بتقوى 10
ولم يكن رسول الله يصنع ذلك في المكتوبة 38
يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر 43
يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم؛ فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنه 13



الفهرس
المقدمة 2
أولا : مفهوم السفر والمسافر 3
ثانيا : أنواع السفر 4
ثالثا : آداب السفر والعمرة والحج 5
رابعا : الأصل في قصر الصلاة في السفر الكتاب والسنة والإجماع 20
خامسا : القصر في السفر أفضل من الإتمام 22
سادسا : مسافة قصر الصلاة في السفر 24
سابعا : يقصر المسافر إذا خرج عن جميع بيوت قريته 28
ثامنا : إقامة المسافر التي يقصر فيها الصلاة 30
تاسعا : قصر الصلاة بمنى لأهل مكة وغيرهم من الحجاج 33
عاشرا جواز التطوع على المركوب في السفر 35
الحادي عشر : السنة ترك الرواتب في السفر إلا سنة الفجر والوتر 38
الثاني عشر صلاة المقيم خلف المسافر صحيحة ويتم المقيم بعد سلام المسافر 40
الثالث عشر : صلاة المسافر خلف المقيم صحيحة 41
الرابع عشر : نية القصر أو الجمع عند افتتاح الصلاة والموالاة بين الصلاتين المجموعتين 43
الخامس عشر : رخص السفر 45
السادس عشر : الجمع وأنواعه ودرجاته 47
1- الجمع بعرفة 47
2- الجمع بمزدلفة 47
3- الجمع في الأسفار الأخرى أثناء السير في وقت الأولى أو الثانية أو بينهما 48
4- درجات الجمع في السفر ثلاث 51
الدرجة الأولى 51
الدرجة الثانية 51
الدرجة الثالثة 52
5- الجمع للمريض الذي يلحقه بتركه مشقة وضعف جائز 54
6- الجمع في المطر الذي تحصل به المشقة على الناس 56
7- الجمع لأجل الوحل الشديد والريح الشديدة الباردة 59
فهرس الآيات 63
فهرس الأحاديث 64
الفهرس 69

Tidak ada komentar:

Posting Komentar